יום רביעי, 29 בדצמבר 2010

الفصل الاول من رواية ذاكرة الجسد انصح الجميع بقراءتها

ذاكرة الجسد .. أحلام مستغنامي


الفصل الأول


ما زلت أذكر قولك ذات يوم :
"الحب هو ما حدث بيننا. والأدب هو كل ما لم يحدث".
يمكنني اليوم, بعد ما انتهى كل شيء أن أقول :
هنيئا للأدب على فجيعتنا إذن فما اكبر مساحة ما لم يحدث . إنها تصلح اليوم
لأكثر من كتاب .
وهنيئا للحب أيضا ...
فما أجمل الذي حدث بيننا ... ما أجمل الذي لم يحدث... ما أجمل الذي لن يحدث .


قبل اليوم, كنت اعتقد أننا لا يمكن أن نكتب عن حياتنا إلا عندما نشفى منها .
عندما يمكن أن نلمس جراحنا القديمة بقلم , دون أن نتألم مرة أخرى .
عندما نقدر على النظر خلفنا دون حنين, دون جنون, ودون حقد أيضا .
أيمكن هذا حقاً ؟
نحن لا نشفى من ذاكرتنا .
ولهذا نحن نكتب, ولهذا نحن نرسم, ولهذا يموت بعضنا أيضا .
- أتريد قهوه ؟
يأتي صوت عتيقة غائبا, وكأنه يطرح السؤال على شخص غيري .
معتذرا دون اعتذار, على وجه للحزن لم أخلعه منذ أيام .
يخذلني صوتي فجأة ...
أجيب بإشارة من رأسي فقط .
فتنسحب لتعود بعد لحظات, بصينية قهوة نحاسيه كبيرة عليها إبريق، وفناجين,
وسكريه, ومرشّ لماء الزهر, وصحن للحلويات .
في مدن أخرى تقدم القهوة جاهزة في فنجان, وضعت جواره مسبقاً معلقه وقطعة سكر
.
ولكن قسنطينة مدينه تكره الإيجاز في كل شيء .
إنها تفرد ما عندها دائما .تماما كما تلبس كل ما تملك. وتقول كل ما تعرف .
ولهذا كان حتى الحزن وليمه في هذه المدينة .
أجمع الأوراق المبعثرة أمامي , لأترك مكاناً لفنجان القهوة وكأنني أفسح مكانا
لك ..
بعضها مسودات قديمة, وأخرى أوراق بيضاء تنتظر منذ أيام بعض الكلمات فقط... كي
تدب فيها الحياة, وتتحول من ورق إلى أيام .
كلمات فقط, أجتاز بها الصمت إلى الكلام, والذاكرة إلى النسيان, ولكن ..
تركت السكر جانبا, وارتشفت قهوتي مره كما عودني حبك .
فكرت في غرابه هذا الطعم العذب للقهوة المرّة . ولحظتها فقط, شعرت أنني قادر
على الكتابة عنك فأشعلت سيجارة عصبيّة, ورحت أطارد دخان الكلمات التي أحرقتني
منذ سنوات, دون أن أطفئ حرائقها مرة فوق صفحه .
هل الورق مطفأة للذاكرة؟
نترك فوقه كل مرة رماد سيجارة الحنين الأخيرة , وبقايا الخيبة الأخيرة. .
من منّا يطفئ أو يشعل الآخر ؟
لا ادري ... فقبلك لم اكتب شيئا يستحق الذكر... معك فقط سأبدأ الكتابة.
ولا بد أن أعثر أخيراً على الكلمات التي سأنكتب بها, فمن حقي أن أختار اليوم
كيف أنكتب. أنا الذي أختر تلك القصة .
قصه كان يمكن أن لا تكون قصتي, لو لم يضعك القدر كل مره مصادفه, عند منعطفات
فصولها .
من أين جاء هذا الارتباك؟
وكيف تطابقت مساحة الأوراق البيضاء المستطيلة, بتلك المساحة الشاسعة البياض
للوحات لم ترسم بعد.. وما زالت مسنده جدار مرسم كان مرسمي ؟
وكيف غادرتني الحروف كما غادرتني قبلها الألوان. وتحول العالم إلى جهاز
تلفزيون عتيق, يبث الصور بالأسود والأبيض فقط ؟
ويعرض شريطا قديما للذاكرة, كما تعرض أفلام السينما الصامتة .
كنت أحسدهم دائماً, أولئك الرسامين الذين كانوا ينتقلون بين الرسم والكتابة
دون جهد, وكأنهم ينتقلون من غرفه إلى أخرى داخلهم. كأنهم ينتقلون بين امرأتين
دون كلفة ..
كان لا بد ألا أكون رجلا لامرأة واحدة !
ها هوذا القلم إذن.. الأكثر بوحا والأكثر جرحا ً.
ها هو ذا الذي لا يتقن المراوغة , ولا يعرف كيف توضع الظلال على الأشياء .
ولا كيف ترش الألوان على الجرح المعروض للفرحة .
وها هي الكلمات التي حرمت منها , عارية كما أردتها , موجعه كما أردتها ,
فَلِمَ رعشة الخوف تشلّ يدي , وتمنعني من الكتابة؟
تراني أعي في هذه اللحظة فقط ، أنني استبدلت بفرشاتي سكيناً. وأن الكتابة
إليك قاتله.. كحبك .

احلام مستغانمي

ولدت في ( 13 أبريل 1953 ) كاتبة جزائرية.

من مواليد تونس ،ترجع أصولها إلى مدينة قسنطينة عاصمة الشرق الجزائري حيث ولد أبوها محمد الشريف حيث كان والدها مشاركا في الثورة الجزائرية،ّ عرف السجون الفرنسية, بسبب مشاركته في مظاهرات 8 ماي 1945 . وبعد أن أطلق سراحه سنة 1947 كان قد فقد عمله بالبلدية, ومع ذلك فإنه يعتبر محظوظاً إذ لم يلق حتفه مع من مات آنذاك ( 45 ألف شهيد سقطوا خلال تلك المظاهرات) وأصبح ملاحقًا من قبل الشرطة الفرنسية, بسبب نشاطه السياسي بعد حلّ حزب الشعب الجزائري. الذي أدّى إلى ولادة حزب جبهة التحرير الوطني FLN .

عملت في الإذاعة الوطنية مما خلق لها شهرة كشاعرة، إنتقلت إلى فرنسا في سبعينات القرن الماضي ، حيث تزوجت من صحفي لبناني، وفي الثمانينات نالت شهادة الدكتوراة من جامعة السوربون. تقطن حاليا في بيروت. وهي حائزة على جائزة نجيب محفوظ للعام 1998 عن روايتها ذاكرة الجسد.

مؤلفاتها

* على مرفأ الأيام عام 1973.
* كتابة في لحظة عري عام 1976.
* ذاكرة الجسد عام 1993.
* فوضى الحواس 1997.
* عابر سرير 2003.


http://www.nessyane.com/

ذاك المساء - فدوى طوقان

ذاك المساء ......... ( قصيدة من روائع فدوى طوقان )
والشارع الممدود .... تسحب فوقه شمس الربيع
والصمت يحتضن المكان سوى رفيق ....
أشجاره وخطى لبعض العابرين .....
سارو هناك على الرصيف .....
سارو بلا هدف بلا قصد.....
حيارى تائهين ...
لم أدر ماذا شدني عند الجدار ...
غدا حين يذوي الربيع ويفنى العبير ....
وتثقل هذي العيون الغوالي ....
ويذبل هذا الشاب النضير ...
غدا حين تنساك درب الغرام وقد حسر الدهر ظلك عنها ...
فتنكر وجهك حين يلوح ... وتنكر وقع خطاك عليها....
وتمسي لديها غريبا كأنك لم تكن منك يوما ولا كنت منها ...
وترجع أنت وما في يديك سوى لفتات الحنين اليها ....
غدا حين يركض نهر السنين ...
وقفت : "ماذا لو يمر الأن بي ؟؟؟؟"
"أنا كيف ألقاه لو التقت العيون"
ذاك الجنون ....
ما عاد مثل الأمس يبد لي الفرح ....
سأرد عن عينيه وجهي .....
لو يمر الأن بي ....
سأظل أرنو للفراغ ....
كأنه ما مر بي .... لا لن أبالي لو يمر ...
وبقيت في ظل الجدار ....
لم أدر فيم بقيت في ظل الجدار ..؟؟؟
هو !! وانتفضت , وحاصرت عيناي منعطف الطريق ...
وقطعت مفترق الدروب ... ورحت تدنو من مكاني ..
هي خطوة أو خطوتان ...
وقفت في ظل الجدار معي هناك على الرصيف ....
لم أدر ماذا قلت ,كيف تعانقت منا العينان ؟؟؟؟
ببساطة , بسهولة , وتسمرت عيناي في الوجه الذي ادمنته ...
في واقعي المحتوم ...... في قدري الذي قاومته .... ورفضته ...

فدوى طوقان -حياتها

حياتها
ولدت فدوى طوقان في مدينة نابلس الفلسطينية سنة 1917 م لإحدى أعرق الأسر المثقفة والغنية وذات حظوة كبيرة في المجتمع الفلسطيني حتى النكبة, ثم المجتمعين الفلسطيني والاردني حيث وقعت مدينتها تحت الإدارة الأردنية, وتم تجنيس أبناء الضفة الغربية بالجنسية الاردنية. ابنة عبد الفتاح آغا طوقان وفوزية أمين بيك عسقلان. تلقت تعليمها حتى المرحلة الابتدائية حيث اعتبرت عائلتها مشاركة المرأة في الحياة العامة أمراً غير مقبول فتركت مقاعد الدراسة واستمرت في تثقيف نفسها بنفسها ثم درست على يد أخيها الشاعر إبراهيم طوقان الذي نمى مواهبها ووجهها نحو كتابة الشعر ثم شجعها على نشره في العديد من الصحف العربية.
عرفت بقصة حبها مع الناقد المصري أنور المعداوي التي وثقها الناقد رجاء النقاش في كتاب ظهر في أواسط السبعينات. وكانت قصة حب أفلاطونية عفيفة عن طريق الرسائل فقط.
توالت النكبات في حياة فدوى طوقان بعد ذلك، حيث توفي والدها ثم توفي أخوها ومعلمها إبراهيم، أعقب ذلك احتلال فلسطين إبان نكبة 1948، تلك المآسي المتلاحقة تركت أثرها الواضح في نفسية فدوى طوقان كما يتبين لنا من شعرها في ديوانها الأول وحدي مع الأيام وفي نفس الوقت فلقد دفع ذلك فدوى طوقان إلى المشاركة في الحياة السياسية خلال الخمسينيات.
سافرت فدوى طوقان إلى لندن في بداية الستينيات من القرن الماضي, وأقامت هناك سنتين، وفتحت لها هذه الإقامة آفاقًا معرفية وإنسانية, حيث جعلتها على تماسٍّ مع منجزات الحضارة الأوروبيّة الحديثة وبعد نكسة 1967 خرجت شاعرتنا من قوقعتها لتشارك في الحياة العامة بنابلس فبدأت في حضور المؤتمرات واللقاءات والندوات التي كان يعقدها الشعراء الفلسطينيون البارزون من أمثال محمود درويش وسميح القاسم وتوفيق زياد.
في مساء السبت الثاني عشر من شهر ديسمبر عام 2003 ودعت فدوى طوقان الدنيا عن عمر يناهز السادسة والثمانين عاما قضتها مناضلة بكلماتها وأشعارها في سبيل حرية فلسطين، وكُتب على قبرها قصيدتها المشهورة: كفاني أموت عليها وأدفن فيها

تحليل الرسم بالكلمات -نزار قباني

 الرّسمُ بالكلماتِ ::
كلمآت : نزآر قبّاني
ألحآن وغناء : الموسيقآر كاظم السآهر

لا تطلبي منّي حساب حياتي
إنّ الحديثَ يطول يا مولاتي
كلّ العصور أنا بها فكأنما
عمري ملايينٌ من السنواتِ

تَعِبَت من السفرِ الطويلِ حقائبي
وتعبتُ من خيلي ومن غزواتي
لم يبقَ خدٌ أسمرُ او أبيضٌ
الا زرعتُ بأرضه راياتي
واليومَ أجلسُ فوق سطح سفينتي
كاللّص أبحثُ عن طريق نجاة
أين السبايا أين ما ملكت يدي
اين البخور يضوعُ من حجراتي
اليوم تنتقمُ الخدود لنفسها
وتردُّ لي الطعناتِ بالطعناتِ
إنّي كمصباح الطريق صديقتي
أبكي ولا احد يرى دمعاتي
لاتطلبي مني حساب حياتي
إنّ الحديثَ يطولُ يا مولاتي
أنا عاجزٌ عن عشق ايّة نملةٍ
او غيمةٍ .. عن عشق اي حصاة
جربتُ الف محبة ومحبة
فوجدتُ أفضلها محبة ذاتي
فالحبُ أصبحَ كلهُ متشابها
كتشابهِ الأوراق في الغابات
كلّ الدروب أمامنا مسدودة
وخلاصنا في الرّسم بالكلماتِ

..

رآئعة أدبية قبل أن تكون فنية , من أجمل ماكتبت أنآمل نزآر وخصوصآ أنها حالة تختلف
عن حآلات العشق والغرآم والهيآم , فهي منفردة عن جميع قصآئده , ولا أعلم لماذا خطر
ببآلي عند قراءتها وسماعها أنّ نزآر كتبها محاكٍ بها بعضًا من شهريآر !!!

يصور لنا النص ذلك الرجل الذي أتعبه عشقه وتنقله من امرأة لأخرى ومن حبٍ لآخر
وكأن النسوة يجرون مجرى الدم في جسدهـ !!

يبدأ النص بحديث من أثقلته الهموم والموآجع , وكأنه يفسّر ويوضّح أسباب ما أصابه
وما أثقل كاهله , ويرى أنه لو بدأ بشرح ما ألمّ به وما أوصله لهذهـ الحآلة فهو يحتآج
مرآجعة جميع مرآحل حياته ولو فعلها فلن تكفيه الثوآني ولا الدقآئق ولا الأيام ولا الشهور
في تفصيلهآ ..

ولكن يبدو أنه قال ذلك من بآب الايحآء أنه حيآته كانت مليئة بالموآقف والأحدآث التي
نصّبته ملكًا ومن ثم سحبت منه البسآط ليعودَ خالي الوفآض ..
ويبدو أن النص كان تمردًا من نزآر وما أجمله من تمرّد عندما يلامس فكر القيصر
وشفتآهـ واحساسه وخيآله , فهو يصور عآشق النسآء الذي من كثر النسوة اللاتي
تعرف عليهن وكأنه عآش في كل العصور , وأُرهق من كثرة الأسفآر والانتقآل
من هذهـ لتلك , ومن خوض المعآرك لنيل رضآهن الصعب والمحبب في نفس
الوقت ..

وهو يصوّر الخدّ كنايةً عن المرأة فلم يكن يفرق عنده البيضآء أو السمرآء
فجميعهن يطفآنِ نيرآن حبه وعشقه , وهو يصور المرأة هنا وكسب رضآها
باحتلال الأرض هنا ونرى التصوير يكمن في لفظ ( الرآية ) , فالمتعآرف عليه
أن الجيش قديمًا وحتى الآن عندما يستوطن أرضًا أول مايفعله هو نصب العلم
أو الرآية دلالة الاستيطآن وهو مافعله هذا العآشق المتنقل من خدِ إمرأةٍ لخدِ
أخرى , ومن سمرآء لبيضآء لسمراء وهكذا دوآليكـ ..

وبعد كل مارآهـ وعآيشه من أمورٍ يهوآها كل رجل تغيّر الحآل وأصبح كالتآئه
الضآئع الفآقد لكل ماتنعّم به بسبب طمعه وغريزته وقد يكون بسبب تشبعه
والملل الذي أصبح يرآفقه كظله , حتى أنه في وسط أرضه يشعر نفسه كالمتخفي
عن أعيّن النآس فكل سبل النجآة مما أصابه قد تقطّعت بسبب ما اقترفه في حيآته ..

يعود ليتذكر تلكـ الأيآم التي خُلّدت في خيآله وأصبحت مجرّد ذكرى , فيتسآءل
نفسه علّه يجد السبب ورآء كل ذلك :

أين من كنّ حولي من السبآيا - وهم أسرى الحرب - ومُلْكُ اليمين وهم - الجوآري -
وأين ذلك البخور والرآئحة العطرة التي كآنت تعجّ بها حجرآت قصري ؟؟
أين هم الآن عني وقد أصبحتُ في حآلة حوآرٍ مع الذآت مشتت العقل ..

وبعد هذهـ التسآؤلات يعود ليجيب عنها بكل صدق , وببيت أجده الأروع
والأجمل والأكمل من جميع النوآحي الأدبية :

اليوم تنتقم الخدود لنفسها
وترد لي الطعنات بالطعنات


وكأنه يرى أنّ مآفعله في مجمل حيآته انقلب وبآلاً عليه الآن , وبدأ مسلسل
الانتقآم من تلك الخدود التي حآرب لأجلها أيآمًا وأيآمًا حتى حصل عليها
وبدأ يبحثُ عن أخرى وأخرى , واليوم أصبح الدور لتلك الخدود كي
ترد ما تشرّبته منه وتحرمه مما عآش طوآل حياتِه متنقلا لأجله ومقتنيًا له
أو كأن ما أصابه هو جزاءًا له عما اقترفه بحقهن ..

ويصف لنا ذلك المتألّم نفسه بوصفٍ يعبّر عما وصل له وكأنه مصبآحٌ
يضئ للنآسِ طريقهم , ومصبآح الطريق في الغآلب لايجد الاهتمام من
قبل المآآرة ففائدته في انارة دربهم ولايلقون حتى النظر إليه , فهو يرى
نفسه كذلك المصبآح الظآهر منه نورهـ ولكن مايكمن دآخل هذا النور
لا أحد يعلمه اطلاقًا..

حالةٌ أخرى يقرأها لنا القيصر موسيقيآ بشكل خرآفي ومعبّر جدًا وينقلنا إليها
الشآعر متقمصًا بها ذلك الموجوع , فيصف نفسه بالعجز عن الخوض في العشق
وذكر لنا الشآعر أمثلة تعبّر عن العجز فعلاً ولها مدلولاتها ( نملةغيمةحصآة )
ولو فكرنا قليلاً في مدلول كل لفظ مما سبق لرأينا الابهآر في الاختيآر ..

العجز في عشق هذه الألفآظ يكمن في أن النملة تعتبر من أصغر المخلوقآت
وأضعفها وقد لاتُرى أحيآنًا فهو يعجز عن عشقها , والغيمة ليست ثآبتة وقد
تزول بمجرّد هطول المطر منها , أمّا الحصآة فهي جمآد لااحسآس ولاشعور
فوصلت به حآلته للعجز حتى عن عشق ذلك الجمآد !!!


فلم يعد للحب طعمٌ أو لونٌ أو مذآق لديه وبعد تنقلاته الكثيرة من حب هذه وتلك وجد
أن حب ذآته والاكتفآء بهذا الحب أفضلها , ويبدو أن ماعآيشه أفقده ذلك الشعور
الجميل وذلك الاحسآس العآلي الرفيع , وسُدّت جميع طرق النجآة لديه الا طريق
وآحد وهو كتآبته لكل ماعايشه ومايشعر به ..

تحليل ادبي -الجريدة


:: الجريدة ::
كلمآت .. بدر بن عبدالمحسن
ألحآن .. محمد شفيق
غنآء .. الموسيقآر كآظم السآهر


ادري وش سر الجريدة
به أحد .. يقطع وريده
وينزف أخبارٍ جديدة
وحنا نقراها الصباح
دنيا مكتوبه فـ ورق
دنيا من دم .. وعرق
دنيا مجنونه أرق .. وهمّ
انسرق .. إحترق .. المُهم
كلها أخبارٍ سعيده
وحنا نقراها الصباح
لو طبعنا صفحة ما فيها خبر
لا حروف .. ولا صور
صفحة يملاها البياض
صفحة تملانا بياض
ما يعكرها الحبر
بتكون الصفحة الوحيدة
اللي نقراها الصباح


..

الجريدة , ثورة في اختيآرات القيصر وثورة في الأدآء أيضًا والبصمة السآهرية الوآضحة
في التلحين الشفيقي ’,

قصيدة تحمل فلسفة عآلية في جميع حروفها , فلسفة تجعلنا نتأمل ونتوقف كثيرًا في
تفسير ماتحويه السطور ومابين السطور أيضًا , فالقصيدة تعتبر من السهل الممتنع وما
أكد ذلك عدم ادرآك بعض السآهريين لها عند انتقآدهم ’,

كلمآت بسيطة وتكمن بسآطتها في حديثها عن تلك الأورآق التي نتصفحها كل صبآح
لنعرف جديد العآلم في جميع المجآلات ’,

تبدأ القصيدة بجوآب لسؤال غير معلن وهو ( سر الجريدة ) , فيخبرنا أنه يعلم ماهو سر
الجريدة , حيث لاسر لها في الأصل ولاجديد لتلك الصفحآت فما نقرأه اليوم سنقرأه
غدًا وبعد غد , وربما يقصد في السر هو الهدف من نقل تلك الأخبار الأليمة وتأثيرها
على قآرئها ’,

تطرقت هذه الكلمآت إلى محتوى الوريقات الصبآحية , وبدأ يخبرنا كاتبها عما نقرأه
فيها بشكل يومي , من الخلافات والحروب بين بعضنا البعض وهنا نرى ايحآء
بذكره ( الوريد ) وقد يكون القصد منها المشآكل والفتن بين أبناء الشعب الوآحد
أو حتى بين جميع النآس باعتبآر أن الجميع أخوة , فاستخدآم الوريد هو كناية عن
القرب , وقد يكون لها مدلول سطحي بمعنى الانتحآر , وهنا نجد عمق هذه القصيدة ’,

يصف لنا الشآعر هذه الدنيا التي نخوض غمارنا فيها , والتي نجد جميع أخبارها
في هذه الصفحآت المسمآة بـ ( الجريدة ) , وكأنه هنا يصف الكثير الكثير سواء
من يعيش في هذه الدنيآ , أو من له علاقة بهذه الأخبآر الحزينة , أو حتى من يقوم
بطرح هذه الأخبآر ’,

وفي حديثه عن الدنيا كأنه يتحدث عن البشر ودلالته هنا استخدآمه لـ ( دم , عرق )
وهو يرى أن هذه الدنيا ( البشر ) تعشق الهم والأرق بقراءتها لتلك الأخبار والتفكير فيها
ليل نهآر , وفي الأخير لاتتجآوز مجرّد أخبار من كثرتها وكأننا نقرأها بسعآدة كل صبآح
وقد يكون يقصد بالسعآدة هنا تلك الابتسآمة السآخرة التي تُرسم على شفاهنا عندما
نقرأ أحدآث العآلم المؤلمة والمكررة بشكل يومي ’,

يختم الشآعر فلسفته بافترآضه لو كانت هنآك صفحة في تلك الجريدة بيضآء لاتحوي
أخبآرًا ولايعكرها ذلك الحبر الذي أصبح لايكتب سوى في الموت والسرقة والحرق
والدمآر , فستكون هذه الصفحة هي الصفحة التي سنقرأها فقط رغم بيآآضها , دليل أننا
مللنا من جميع مايذكر في الاعلام المقروء من هموم تصيب القارئ بالأمراض والعلل
ونجد مدلول رآئع في قوله ( صفحة تملانا بيآض ) , والمعروف أن المقصود باللون الأبيض

تحليل ادبي - كاظم الساهر


بعد الحب

كلمات : كاظم الساهر +كريم العراقي

الحان وغناء كاظم الساهر



بعد الحب وبعد العشره نلتقي مثل الأغراب
واحدنا ما يعرف الثاني ولا كأنا كنا أحباب
ماتت لهفتنا المجنونة ما أقساه وما أقساني
أتسأل وحدي وأتألم يا ترى من فينا الجاني
الزمن أتغير لو أحنا بينا عيوب وبينا أخطاء
أحنا مجرد هيكل فارغ وأخذتنا الموجة العمياء
مات الحب مات الإحساس مات النور الل نهتدي بيه
مات الإنسان الل داخلنا كلنا بدم خل نبكي عليه
يوم الل سافرت وودعتك
خدودي بنار دموعي احترقت
لكن في موعد رجوعك في كل برود استقبلتك
وين دموعي وين دموعك
وين التنهيدة الل بضلوعك
من كنت تضمني وأتحسس جمر أنفاسك ويا أنفاسي
طاير بيك وطاير بيه يا عمق إحساسك وإحساسي
وين الحب الل هز العالم وين إخلاصك وين إخلاصي
حبيبي .. سابقاً لا أكثر .. أحس كل شي فينا أتغير
اختلفت كل المقاييس حتى أنت وحتى آني
عاطفتنا انتهت بينا وبردت أحلى الأحاسيس
بمبدأ المنفعة صرنا نقرأ طالعنا التعيس
والتقينا بموعد آخر من جديد
كراسينا من حديد .. كلماتنا من جليد
من غزلنا المفتعل .. وردك ووردي ذبل
صرنا نتصنع الضحكة وعلى شفايفنا الخجل
يالله خل ننهي اللقاء .. كافي تمثيل ورياء
وشربنا كاسك يا ملل
ننهض نودع بعضنا ويدفع الفاتورة عنا
بطل قصتنا الفشل
آه .. آه .. آه .. آه



بعد الحب

تحمل صفات العمل المتكامل من اللحن والكلمة والأداء والاهم من ذالك الإحساس

ويتجلى كل ذالك بصوت القيصر وآهاته

موسيقي تعزف علي أوتار القلب تتصاعد تدريجيا وكأنها تروي بصمت أحداث تلك الرواية

وفجأة تجد الموسيقي تنساب بسلاسة وتري الألحان تنبض بالحياة وأوتار القانون كأنها تضرب لتعصف بذالك الحب

موسيقي عاصفة وكأنها ترفض ما حدث بينهما

وبعد أن ثارت العاصفة هدأت وتري أصوات صفير المحبوب تتجلي بالألم

لتتداخل بعدها أهات الكورال بكل سلاسة لتشاطره أحزانه

وحين يبدأ الساهر بالغناء تصمت لتشعر ويتراود إلي ذهنك رواية غنائية

صاغها الساهر وكريم فأبدعا بصياغتها وصف لأثنين كان الحب ثالثهم

وبعد الحب وبعد العشرة التقو كالأغراب فتعالو معي لنتعمق أكثر ونفهم تفاصيل الحكاية

الجميل بتلك الرائعة لا تعرف من يوجه الكلام لمن!

فالاثنين كان الحوار سيدهما الاثنين بردة المشاعر بداخلهم

غريب صحيح كان عهد الحب بينهما وخانا ذالك العهد

لم تعد للهفة وجود تلك التي اتسمت يوما بالجنون الثائر

سؤال بداخلي يراودوني من الذي جني علي الأخر يا تري ؟

هل يمكن للإنسان أن يتغير من وراء عيوبه؟

نعم قد تعمي أخطائنا قلوبنا وتلجم مشاعرنا

ويأتي وصف رائع لنا نحن البشر

(إحنا مجرد هيكل فارغ)

نعم حين نتنازل عن مشاعرنا ونستسلم للحياة تحركنا نصبح هياكل فارغة

فالحب يحمل لنا

الإحساس يكون النور الذي يرسم خطانا وان فقدناه نصبح أحياء أموات

ويتذكر الحبيب كيف بدأ الأمر

شاءت الظروف أن يبتعد أحد الطرفين فاستعد للسفر وهو ظرف كأي ظرف تزورونا به الحياة

يقولون (البعيد عن العين بعيد عن القلب) وهكذا كان حال أبطال بعد الحب

بكي المحبوب وداع من يحب وبيوم اللقاء كانت دموعه أشبه بالنيران أحرقته وقتلت ما بداخله

تصورو كيف كان المفروض أن يكون اللقاء!!

أن يأخذ الحبيب حبيبه بالأحضان يبكيه شوقا يحكي له عما حدث معه بغربته يشكى له لوعة الفرقة

وتلك الليالي الموحشة من ظل يحصيها ليلة ليلة حتى يعود حبيبه

ولكن!

بكل برود انتظرت قدومك وبكل برود استقبلتك صافحتك وتلك النيران قد خمدت واللهفة قد اندثرت

الدموع جفت ,عجيب وتلك التنهيده انطفأت

كنت اشعر بها جمرة توقد بأضلعك قبل أضلعي

ما مصدرها أنت حبيبي أم أنا ؟ لا ندري

واليوم

أتسائل أين ذهب كل ذالك الحب ؟

أين إخلاصنا بالهوى؟

أين ذالك العهد الذي قطعناه حبيبي سوى؟

يناديه حبيبي فهكذا اعتاد اللسان علي لفظها لم القلب أعتاد علي نبضه فكل شيء تغير

فحبيبي كانت سابقا لا أكثر تغيرت مشاعرنا وتقلبت كحال الحياة ونحن نجاريها أصبحنا حتى بالعواطف

وأصبح للحب مقياس حاله كحال أي شىء بالحياة

والعاطفة ماتت قتلها البعد!

وانتظرنا لموعد اخر يجمعنا لعله يكون أفظل من سابقه

والتقينا بموعد جديد

كانت كراسينا وكأنها مصنوع من الحديد كشاعرنا التي أصبحت كالثلج البارد فقد اختفت حرارة الحب تلك

وبدأنا مهزلتنا الكبرى نتصنع كلمات الشوق والغزل أنا وأنت

وكل واحد منا يدرك جيدا أن وردتنا قد اقتطفها الهجران منذ زمن

وارتسمت علي وجوهنا بسمة خجل ليست كتلك التي كانت ترتسم من كثرة الحياء

لا بل من شدة سخافة موقفنا..

وتداركنا الموقف وكل منا انسحب من ذالك اللقاء

فلم نكن نتوقع يوما بعد أن كنا نسرق ثواني العشق سرقه

أصبحنا نعدها ثانية بثانية وكل واحد فينا يردد

متي سنسدل الستار علي حكايتنا؟

وأدركنا انه حان الوقت لنعلن بأننا فشلنا

ومثلما ابتدأت بآهات انتهت الرواية بآهات

شرح كلمات اكرهها - نزار قباني

أكــرَهُهَـــا


كلمات : نزار قبّاني .

ألحان وغناء : الموسيقار كاظم الساهر
الألبوم : حبيبتي والمطر 1999



***



أكرهُهَا وأشتهي وصلها
وإنني أحبُّ كرهي لها
أحبُّ هذا اللؤم في عينها
وزورها إن زورت قولها
عينٌ .. كعين الذئب محتالةٌ
طافت أكاذيب الهوى حولها
قد سكن الجنون أحداقها
وأطفأت ثورتها عقلها
أشكّ في شكي إذا أقبلت
باكيةً .. شارحةً ذلّها
فإن ترفــقــتُ بــهــا استكبرت
وجررت ضاحــكةً ذيلها
إن عانقتني كسّرت أضلعي
وأفرغت على فمي غــلــّها
يُحبها حقدي ويا طالما
وددتُ إذ طــوقــتـها .. قــتــلـهــا


***


يالهُ من شعورٍ متناقض , ويالها من قصيدة جمعت كلّ الاحاسيس وأفرغتها في قلبِ عاشقٍ
عشقهُ أعمى عينَه وأصمّ أذنه وأوقف عقلهُ عن التفكير وخياله عن التأمّل , وفقط قلبُهُ هوَ مازال
ينبضُ بها ولها .

لأوّل مرةٍ نعشقُ كرهًا كهذا , كرهٌ جميل مُحبب وهو مايُدعى في عُرف اللغويين مجازًا حيثُ
ذُكِر معنىً أريدَ به خلافه وفُسّرَ ذلك فيما يلي الكلمة من معانٍ توضح أنّ ماهذا الكُره سوى
أحد معاني الحب بل ربما يصل الى أعمق معاني الحب .. قد يراها البعضُ فلسفةً ولهم ذلك
ولكن هذه القصيدة لاتُشرح سوى بهذه الفلسفة ونزارُ الدمشقيّ أجاد كثيرًا في وصف هذا العاشق
المتصف بالسذاجة المقصودة وهي أقرب للذكاء منها للسذاجة ولكنها تحمل المعنيين كليهما .

يبدأها بلفظ الكره واشتهاء الوصال , هو لايكرهها فعلاً بل يعشقها ومن عشقه لها يقول ويصرخ
نعم أكرهها , أكرهُ خصالاً بها ورغم ذلك أهيم حبًا في تلك الخصال , فحتى كُرهي لها حبًا ولذّةً
أبديةً بالنسبة لي .

ربما أنّ النساء دومًا معروفاتٌ بالطيبة وكسر الجناح كما يقولون , ووجد هذا العاشق ضالته في
هذه الماكرة فرغم أنه يقرأها عن ظهر قلب لكنه مستمتعٌ بكلّ مايحدث ويلقاه منها .

هي لئيمة واللؤم بادٍ في عينيها .. أعرفُ ذلك منذ الوهلةِ الأولى ولكن ماذا جرى لي ؟
حتى لؤمها عشقته !! قولها وكلامها المعسول زورًا وكذبًا فلم تصدق معي يومًا حتى معاني
الحبّ منها مزيفة مزورة ولكنّي معلولٌ بحبّها حتى الثمالـة .

نظراتها وقولها مفعولهما كمفعول السحر .. تصدقهما رغمًا عنك وأنت أكثر الواثقين
من كذبهما .. فمن تكون صاحبتهما ؟ إنسٌ هي أم جانْ ؟ وكيف استطاعت أن تقودني
لهذه المنطقة الخطرة من الحب والتي تجعلني أرى الحقيقة أمامي بأمّ عيني وأتبع زيفها
وظلالها ؟ هوَ قلبي الضعيف المتيم بها والمدمي شوقًا ولهفةً عليها .



لاتنعتوني بالجنون , فقط انظروا لعينيها ستجدون عينا ذئبٍ صوّرت تحتَ جبينها
ستقرأون تلك العينان وماتحملهما من مكرٍ وخبثٍ لا مثيلَ لهما , نظرةً من تلكَ العينين
ترديكَ قتيلاً في حبهما وياللأسف عندما تفاجأ بصدمةِ كذبهما واحترافية خداعهما
حتى أنّها فاقت الذئب في هذا المكر والخداع .. والمصيبةُ تلي المصيبة , فأعلمُ عن كل
ذلك وأخرُّ راكعًا من طيفها حين قدومها .

يساورني شكً أحيانًا أنني أظلمها بشعوري الصادق بمكرها وخداعها عندما تأتيني ذارفةٌ
دموعها وتشرح لي ما أصابها من ذلٍّ ويأس , حتى اذا أظهرتُ لها رفقًا وحنانًا بانت حقيقتها
وظهرَ تمثيلها ورياؤها .. آآآهـ تصيبني الويلات وفي ثواني يرفرفُ قلبي فرحًا بها وبوجودها .

وفي لحظاتنا الهادئـة أُمنّي نفسي بعناقٍ منها وقبلةٍ تروي ضمئي وأفاجأ بعناقٍ ليس كالعناق
عناقٌ طمسَ جميع معاني الحب , عناقٌ بلا روح ولا احاسيس .. ليسَ عناق بل تكسيرٌ للضلوع
عن سبق اصرار وترصّد , حتى قبلتها مليئة بكلّ مافيها من تناقضات وتفرغ كل قبيحٍ فيها عليّ
وأنا حتى وان حقدتُ عليها في هذه اللحظة فهو حقدُ حبٍ .. فحتى شعوري السلبي اتجاهها وألمي
المضني منها يُحبها , وكم أتمنى أن أطوقها بعناقٍ يرديها قتيلةً بين يديّ علّي حينها استطيعُ فهمَ
حقيقتها الغريبة عليّ .

قصيدة هوامش على دفتر النكسة

هوامش على دفتر النكسة - نزار قباني
هوامش على دفتر النكسة
كتبت في أعقاب نكسة حزيران (يونيو) 1967



1
أنعي لكم، يا أصدقائي، اللغةَ القديمه
والكتبَ القديمه
أنعي لكم..
كلامَنا المثقوبَ، كالأحذيةِ القديمه..
ومفرداتِ العهرِ، والهجاءِ، والشتيمه
أنعي لكم.. أنعي لكم
نهايةَ الفكرِ الذي قادَ إلى الهزيمه
2
مالحةٌ في فمِنا القصائد
مالحةٌ ضفائرُ النساء
والليلُ، والأستارُ، والمقاعد
مالحةٌ أمامنا الأشياء
3
يا وطني الحزين
حوّلتَني بلحظةٍ
من شاعرٍ يكتبُ الحبَّ والحنين
لشاعرٍ يكتبُ بالسكين
4
لأنَّ ما نحسّهُ أكبرُ من أوراقنا
لا بدَّ أن نخجلَ من أشعارنا
5
إذا خسرنا الحربَ لا غرابهْ
لأننا ندخُلها..
بكلِّ ما يملكُ الشرقيُّ من مواهبِ الخطابهْ
بالعنترياتِ التي ما قتلت ذبابهْ
لأننا ندخلها..
بمنطقِ الطبلةِ والربابهْ
6
السرُّ في مأساتنا
صراخنا أضخمُ من أصواتنا
وسيفُنا أطولُ من قاماتنا
7
خلاصةُ القضيّهْ
توجزُ في عبارهْ
لقد لبسنا قشرةَ الحضارهْ
والروحُ جاهليّهْ...
8
بالنّايِ والمزمار..
لا يحدثُ انتصار
9
كلّفَنا ارتجالُنا
خمسينَ ألفَ خيمةٍ جديدهْ
10
لا تلعنوا السماءْ
إذا تخلّت عنكمُ..
لا تلعنوا الظروفْ
فالله يؤتي النصرَ من يشاءْ
وليس حدّاداً لديكم.. يصنعُ السيوفْ
11
يوجعُني أن أسمعَ الأنباءَ في الصباحْ
يوجعُني.. أن أسمعَ النُّباحْ..
12
ما دخلَ اليهودُ من حدودِنا
وإنما..
تسرّبوا كالنملِ.. من عيوبنا
13
خمسةُ آلافِ سنهْ..
ونحنُ في السردابْ
ذقوننا طويلةٌ
نقودنا مجهولةٌ
عيوننا مرافئُ الذبابْ
يا أصدقائي:
جرّبوا أن تكسروا الأبوابْ
أن تغسلوا أفكاركم، وتغسلوا الأثوابْ
يا أصدقائي:
جرّبوا أن تقرؤوا كتابْ..
أن تكتبوا كتابْ
أن تزرعوا الحروفَ، والرُّمانَ، والأعنابْ
أن تبحروا إلى بلادِ الثلجِ والضبابْ
فالناسُ يجهلونكم.. في خارجِ السردابْ
الناسُ يحسبونكم نوعاً من الذئابْ...
14
جلودُنا ميتةُ الإحساسْ
أرواحُنا تشكو منَ الإفلاسْ
أيامنا تدورُ بين الزارِ، والشطرنجِ، والنعاسْ
هل نحنُ "خيرُ أمةٍ قد أخرجت للناسْ" ؟...
15
كانَ بوسعِ نفطنا الدافقِ بالصحاري
أن يستحيلَ خنجراً..
من لهبٍ ونارِ..
لكنهُ..
واخجلةَ الأشرافِ من قريشٍ
وخجلةَ الأحرارِ من أوسٍ ومن نزارِ
يراقُ تحتَ أرجلِ الجواري...
16
نركضُ في الشوارعِ
نحملُ تحتَ إبطنا الحبالا..
نمارسُ السَحْلَ بلا تبصُّرٍ
نحطّمُ الزجاجَ والأقفالا..
نمدحُ كالضفادعِ
نشتمُ كالضفادعِ
نجعلُ من أقزامنا أبطالا..
نجعلُ من أشرافنا أنذالا..
نرتجلُ البطولةَ ارتجالا..
نقعدُ في الجوامعِ..
تنابلاً.. كُسالى
نشطرُ الأبياتَ، أو نؤلّفُ الأمثالا..
ونشحذُ النصرَ على عدوِّنا..
من عندهِ تعالى...
17
لو أحدٌ يمنحني الأمانْ..
لو كنتُ أستطيعُ أن أقابلَ السلطانْ
قلتُ لهُ: يا سيّدي السلطانْ
كلابكَ المفترساتُ مزّقت ردائي
ومخبروكَ دائماً ورائي..
عيونهم ورائي..
أنوفهم ورائي..
أقدامهم ورائي..
كالقدرِ المحتومِ، كالقضاءِ
يستجوبونَ زوجتي
ويكتبونَ عندهم..
أسماءَ أصدقائي..
يا حضرةَ السلطانْ
لأنني اقتربتُ من أسواركَ الصمَّاءِ
لأنني..
حاولتُ أن أكشفَ عن حزني.. وعن بلائي
ضُربتُ بالحذاءِ..
أرغمني جندُكَ أن آكُلَ من حذائي
يا سيّدي..
يا سيّدي السلطانْ
لقد خسرتَ الحربَ مرتينْ
لأنَّ نصفَ شعبنا.. ليسَ لهُ لسانْ
ما قيمةُ الشعبِ الذي ليسَ لهُ لسانْ؟
لأنَّ نصفَ شعبنا..
محاصرٌ كالنملِ والجرذانْ..
في داخلِ الجدرانْ..
لو أحدٌ يمنحُني الأمانْ
من عسكرِ السلطانْ..
قُلتُ لهُ: لقد خسرتَ الحربَ مرتينْ..
لأنكَ انفصلتَ عن قضيةِ الإنسانْ..
18
لو أننا لم ندفنِ الوحدةَ في الترابْ
لو لم نمزّقْ جسمَها الطَّريَّ بالحرابْ
لو بقيتْ في داخلِ العيونِ والأهدابْ
لما استباحتْ لحمَنا الكلابْ..
19
نريدُ جيلاً غاضباً..
نريدُ جيلاً يفلحُ الآفاقْ
وينكشُ التاريخَ من جذورهِ..
وينكشُ الفكرَ من الأعماقْ
نريدُ جيلاً قادماً..
مختلفَ الملامحْ..
لا يغفرُ الأخطاءَ.. لا يسامحْ..
لا ينحني..
لا يعرفُ النفاقْ..
نريدُ جيلاً..
رائداً..
عملاقْ..
20
يا أيُّها الأطفالْ..
من المحيطِ للخليجِ، أنتمُ سنابلُ الآمالْ
وأنتمُ الجيلُ الذي سيكسرُ الأغلالْ
ويقتلُ الأفيونَ في رؤوسنا..
ويقتلُ الخيالْ..
يا أيُها الأطفالُ أنتمْ –بعدُ- طيّبونْ
وطاهرونَ، كالندى والثلجِ، طاهرونْ
لا تقرؤوا عن جيلنا المهزومِ يا أطفالْ
فنحنُ خائبونْ..
ونحنُ، مثلَ قشرةِ البطيخِ، تافهونْ
ونحنُ منخورونَ.. منخورونَ.. كالنعالْ
لا تقرؤوا أخبارَنا
لا تقتفوا آثارنا
لا تقبلوا أفكارنا
فنحنُ جيلُ القيءِ، والزُّهريِّ، والسعالْ
ونحنُ جيلُ الدجْلِ، والرقصِ على الحبالْ
يا أيها الأطفالْ:
يا مطرَ الربيعِ.. يا سنابلَ الآمالْ
أنتمْ بذورُ الخصبِ في حياتنا العقيمهْ
وأنتمُ الجيلُ الذي سيهزمُ الهزيمهْ.

نزار قباني ..........

البطاقة الشخصية:الاسم: نزار توفيق قباني

      تاريخ الميلاد: 21 مارس 1923 .

      محل الميلاد: حي مئذنة الشحم ..أحد أحياء دمشق القديمة .

      الأسرة: أسرة قباني من الأسر الدمشقية العريقة .. ومن أبرز أفرادها أبو خليل القباني ، مؤسس المسرح العربي في القرن الماضي ، وجدّ نزار .. أما والده توفيق قباني فتقول كتب التاريخ إنه كان من رجالات الثورة السورية الأماجد ، وكان من ميسوري الحال يعمل في التجارة وله محل معروف ، وكان نزار يساعده في عملية البيع عندما كان في صباه .. أنجب توفيق قباني ستة أبناء .. نزار ، رشيد ، هدباء ، معتز ، صباح  ووصال التي ماتت في ريعان شبابها أما صباح فهو ما زال حياً .. وكان يُشغل منصب مدير الإذاعة السورية .

الحالة الاجتماعية:  

تزوّج مرتين .. الأولى من سورية تدعى " زهرة " وانجب منها " هدباء " وتوفيق " وزهراء.
وقد توفي توفيق بمرض القلب وعمره 17 سنة ، وكان طالباً بكلية الطب جامعة القاهرة .. ورثاه نزار بقصيدة شهيرة عنوانها " الأمير الخرافي توفيق قباني " وأوصى نزار بأن يدفن بجواره بعد موته .وأما ابنته هدباء فهي متزوجة الآن من طبيب في إحدى بلدان الخليج .
والمرة الثانية من " بلقيس الراوي ، العراقية .. التي قُتلت في انفجار السفارة العراقية ببيروت عام 1982 ، وترك رحيلها أثراً نفسياً سيئاً عند نزار ورثاها بقصيدة شهيرة تحمل اسمها ، حمّل الوطن العربي كله مسؤولية قتلها ..
ولنزار من بلقيس ولد اسمه عُمر وبنت اسمها زينب . وبعد وفاة بلقيس رفض نزار أن يتزوج .
وعاش سنوات حياته الأخيرة في شقة بالعاصمة الإنجليزية وحيداً .
قصته مع الشعر:
بدأ نزار يكتب الشعر وعمره 16 سنة ، وأصدر أول دواوينه  " قالت لي السمراء "  عام 1944 وكان طالبا بكلية الحقوق ، وطبعه على نفقته الخاصة.
له عدد كبير من دواوين الشعر ، تصل إلى 35 ديواناً ، كتبها على مدار ما يزيد على نصف قرن أهمها " طفولة نهد ، الرسم بالكلمات ، قصائد ، سامبا ، أنت لي ".
لنزار عدد كبير من الكتب النثرية أهمها : " قصتي مع الشعر ، ما هو الشعر ، 100 رسالة حب ".
أسس دار نشر لأعماله في بيروت تحمل اسم " منشورات نزار قباني ".
صدامات ومعارك:

كانت  حياة نزار مليئة بالصدمات والمعارك ، أما الصدمات فأهمها:

- وفاة شقيقته الصغرى : وصال ، وهي ما زالت في ريعان شبابها بمرض القلب .
- وفاة أمه التي كان يعشقها .. كان هو طفلها المدلّل وكانت هي كل النساء عنده .
- وفاة ابنه توفيق من زوجته الأولى .. كان طالباً في كلية الطب بجامعة القاهرة .. وأصيب بمرض القلب وسافر به والده إلى لندن وطاف به أكبر المستشفيات وأشهر العيادات.. ولكن قضاء الله نفذ وكان توفيق لم يتجاوز 22 عاماً.
- مقتل زوجته : بلقيس الراوي " العراقية في حادث انفجار السفارة العراقية ببيروت عام 1982
نكسة 1967 .. أحدثت شرخاً في نفسه ، وكانت حداً فاصلاً في حياته ، جعله يخرج من مخدع المرأة إلى ميدان  السياسة.
أما عن المعارك فيمكننا أن نقول ، انه منذ دخل نزار مملكة الشعر بديوانه الأول " قالت لي السمراء " عام 1944 ، وحياته أصبحت معركة دائمة أما عن أبرز المعارك التي خاضها وبمعنى أصح الحملات التي شنها المعارضون ضده:
- معركة قصيدة " خبز وحشيش وقمر " التي أثارت رجال الدين في سوريا ضده ، وطالبوا بطرده من السلك الدبلوماسي ، وانتقلت المعركة إلى البرلمان السوري وكان أول شاعر تناقش قصائده في البرلمان.
- معركة " هوامش على دفتر النكسة " .. فقد أثارت القصيدة عاصفة شديدة في العالم العربي ، وأحدثت جدلاً كبيراً بين المثقفين .. ولعنف القصيدة صدر قرار بمنع إذاعة أغاني نزار وأشعاره في الإذاعة والتلفزيون.
آخر العمر:
- بعد مقتل بلقيس ترك نزار بيروت وتنقل في باريس وجنيف حتى استقر به المقام في لندن التي قضى بها الأعوام الخمسة عشر الأخيرة من حياته.
- ومن لندن كان نزار يكتب أشعاره ويثير المعارك والجدل ..خاصة قصائده السياسة خلال فترة التسعينات مثل : متى يعلنون وفاة العرب ، والمهرولون ، والمتنبي ، وأم كلثوم على قائمة التطبيع.
- وافته المنية في لندن يوم 30/4/1998 عن عمر يناهز 75 عاما كان منها 50 عاماً بين الفن والحب والغضب.

 أمير الشعر الغنائي:
على مدى 40 عاماً كان المطربون الكبار يتسابقون للحصول على قصائد نزار .
وإليكم القائمة كاملة طبقاً للترتيب التاريخي:
- أم كلثوم : غنت له أغنيتين : أصبح عندي الآن بندقية ، رسالة عاجلة إليك .. من ألحان عبد الوهاب .
- عبد الحليم أغنيتين أيضاً هما : رسالة من تحت الماء ، وقارئة الفنجان من ألحان محمد الموجي.
- نجاة : 4 أغان أيضاً ، ماذا أقول له ، كم أهواك ، أسألك الرحيلا .. والقصائد الأربع لحنها عبد الوهاب .
- فايزة أحمد : قصيدة واحدة هي : رسالة من امرأة " من ألحان محمد سلطان .
- فيروز : غنت له " وشاية " لا تسألوني ما اسمه حبيبي " من ألحان عاصي رحباني .
- ماجدة الرومي : 3 قصائد هي : بيروت يا ست الدنيا ، مع الجريدة وهما من ألحان د. جمال سلامه .. ثم  " كلمات " من ألحان الملحن اللبناني إحسان المنذر .
- كاظم الساهر : 4 قصائد : " إني خيّرتك فاختاري ، زيديني عشقاً ، علّمني حبك ، مدرسة الحب .. وكلها من الحان كاظم الساهر .
- أصالة : غنت له قصيدة " إغضب " التي لحنها حلمي بكر .
- وبذلك يكون المجموع : 20 قصيدة ، غناها 8 مطربين ومطربات